عودة الدين والنزاعات في المجتمعات الغربية: مراجعة نقدية لمفهوم العلمانية

الملخص

برزت في أواخر القرن العشرين فرضيتان الأولى تعتبر العلمنة سيرورة حتمية، وشرط للحداثة وكنتيجة لذلك اتجه المجتمع نحو نزع القداسة عن الدين وفك ارتباطه بالمجال العام؛ والثانية ترى النقيض في عودة الدين كآلية احتجاجٍ على نمط الحداثة السائد وكشكل مغاير للانخراط في الحداثة وإعادة تجديدها. يناقش هذا المقال الأدبيات الأساسية التي اهتمت حصريًّا بفرضية عودة الدين، وصلتها بتصاعد النزاعات الهوياتية في المجتمعات الغربية،انطلاقًا من مقاربة تاريخية-سوسيولوجية ترصد مسار نشأة مفهوم العلمانية والجدالات التي رافقت علاقته بالدين، وتركز على تحليل المضمون، ومن خلال مقارنة نقدية لكتابات أساسية في هذا الاتجاه، في مقدمتها كتابات أوليفييه روا ومارسيل غوشيه. ويهدف المقال إلى الكشف عن الأسس الأيديولوجية التي تعزز إشكالية النزاع بين العِلماني والديني. وخلصت الدراسة إلى أن العلمنة لم تقص الدين بقدر ما أعادت تشكيله داخل فضاء سياسي واجتماعي ليبرالي، وأن الحديث عن عودة الدين ليس إلا تحولًا في أنماط حضوره وأشكال توظيفه. وباختصار شديد، فإن نقد السرديات الإقصائية والاستعلائية للعِلمانية المتطرفة، لا يقتصر على تفكيك فرضية «عودة الدين»، بل يمتد إلى مساءلة الأسس الإيديولوجية التي تشرعن الإقصاء وتعيد إنتاج الهيمنة تحت ذريعة الحداثة المفرطة.