الملخص
يمثل الإطار الرمزي المعتمد خلال المحاكمة أحد مجالات العدالة الجنائية الأكثر حساسيةً مقارنة بجوانبها الموضوعية والإجرائية، إذ يبقى محفوفًا بالمعاني الرمزية، التي ترسم صورة حول عدالة المحاكمة. ويأتي على رأس العناصر المكونة لهذا الإطار موقع النيابة العامة المرتفع على المنصة إلى جانب قضاة الحكم، خلافًا لمحامي الدفاع الذي يقف على الأرض.
يناقش هذا المقال تاريخ نشأة النيابة العامة ومسار صعودها على المنصة، قبل دراسة البعد الرمزي لهذا الموقع الجسدي المتميز خلافًا لمحامي الدفاع، ومدى تلاؤمه مع مبدأ توازن الأسلحة بين أطراف الخصومة الجنائية، كمتطلب لمحاكمة منصفة. في سبيل ذلك، تم الاعتماد على المنهجين التحليلي والمقارن من خلال التحليل والبحث في أساس مبدأ توازن الأسلحة ونطاق تطبيقه، قبل الانتقال لتتبع جذور ومعاني امتيازات النيابة العامة وعلى رأسها مركزها المرتفع على المنصة إلى جانب قضاة الحكم، ورصد موقف التشريعات والقضاء من ذلك.
وتوصل البحث لعدة نتائج، تتمثل أهمها في تمتع النيابة العامة خلال المحاكمة بامتيازات متعددة من بينها موقعها المرتفع على المنصة الذي يهدف لجعلها تقاسم رمزية وشرعية قضاء الحكم، وتكريس التباعد في المواقع بينها وبين باقي الأطراف، وهو ما يمس بمتطلب حياد القضاء، وبالحق في محاكمة منصفة. وتعزيزًا لحياد القضاء يوصى بتعديل إجرائي فيما يخص المكان والدخول والترافع للفاعلين القضائيين داخل الفضاء القضائي بشكل يظهر الضحية، والمتهم والنيابة العامة أمام القاضي على قدم المساواة.

هذا العمل مرخص حسب الرخصة Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International License.