اعتبار المصالح الدينية في تعليل الأحكام الشرعية

الملخص

إنّ تعليل الأحكام الشرعية له أهمية كبيرة؛ فهو من أكثر مسائل أصول الفقه التي ثار حولها النزاع بين الفقهاء والأصوليين وعلماء الكلام، وانبرى لها العلماء للكشف عن حقيقة الخلاف فيها وسببه. مع اتفاق العلماء جميعًا بأن أحكام الشرع جاءت محققة للمصالح ودارئة للمفاسد في الدارين، وقد استدل بذلك جمهور القائلين بحجية القياس على حجيته، وألزموا المخالف به. والناظر في القرآن الكريم، والسنة النبوية، يلحظ عدم اقتصار الشارع سبحانه في كتابه الكريم على ربط الأحكام بالمصالح الدنيوية فقط، بل كان للمصالح الدينية نصيب أيضًا، وهذا ما دفع إلى مزيد من التدبر والنظر في القرآن الكريم والسنة النبوية، للوقوف على هذا التنوع من التعليل بالمعاني المشتملة على المصالح المناسبة.  يهدف هذا البحث إلى التعرف على المصالح المتنوعة التي يمكن تعليل الأحكام بها، والدعوة إلى مزيد من التدبر والتفكر في آيات الأحكام للوقوف على الحكمة من تعليلها. متناولًا مصطلحات العلّة والحكمة والمصلحة والعلاقة بينها، ومناقشًا حكم تعليل الأحكام عمومًا وتعليل الأحكام بالمصالح والحِكم وأهميته وتطبيقاته، وكان من نتائجه أن اشتمال التعليل على الحِكم والمصالح الدنيوية والدينية معًا، ينم على كمال الشريعة وبيان محاسنها، كما أن استقراء جزيئات الشريعة يدل على تعليل الأحكام بالحِكم والمصالح؛ لأن الهدف من شرعها جلب مصلحة، أو درء مفسدة، أو تحقيق الأمرين معًا، والتعليل بالحكمة يحقق هذا المقصود. وأن التعليل بالحِكم والمصالح، يعدّ من الاجتهاد القائم على اعتبار مقاصد الشرع وكلياته، ومن ثم يمكّن المجتهد من استيعاب حكم النوازل والمستجدات التي لا نهاية لها.