الملخص
من الطبيعي أن يُحاول كل طرف - في العقود الملزمة للجانبين ولاسيما الناقلة للملكيَّة منها - إثبات عدم إخلاله بالتزاماته العقديَّة ومن بينها التزامه بالضمان، فالدائن سيعمل جاهدًا على إثبات أن المدين قد تركه على جهله بالسبب الذي أوجب الضمان، توصلًا لإثبات سوء نيته. ومن ثمَّ، تحميله المسئوليَّة المشددة مع عدم استفادته من شروط الإعفاء أو الحد من الضمان، والمدين بالمقابل، سيسعى إلى إثبات علم الدائن أو إمكان علمه بهذا السبب؛ توصلًا لرفض دعواه. وقد اقتصر نطاق هذه الدراسة على بيان أثر علم الدائن دون التطرق لأثر علم المدين.
وقد تعرَّضت الدراسة لهذا الأمر، فبينت أثر علم الدائن بالعيب الموجب للضمان، ثم أثر علمه بالسبب الموجب للتعرض والاستحقاق في مطلبين متتاليين، وطبق ذلك، في الحالتين، على عقد البيع باعتباره أكثر البيوع إثارةً للالتزام بالضمان، فضلًا عن كونه الشريعة العامة التي يُرجع إليها في حالة الفراغ التشريعي.
وقد أسفرت الدراسة عن مجموعة من النتائج أبرزها: اتفاق القوانين محل المقارنة على أن علم المشتري بالعيب يحول دون رجوعه على البائع بالضمان بخلاف أثر علمه بالأعباء والتكاليف الذي اختلف من قانون إلى آخر؛ فالقانون الفرنسي والعماني والأردني والإماراتي جعلت من علم المشتري أو إمكان علمه بعموم الأعباء والتكاليف سببًا لعدم نشوء حقه في الرجوع بالضمان؛ أما القانون المصري فقد فرَّق بين حقوق الارتفاق، وبين غيرها من الأعباء والتكاليف. ومن بين النتائج أيضًا أنه لا يجوز الاتفاق على عدم ضمان الاستحقاق الناشئ عن فعل البائع الشخصي في جميع القوانين محل المقارنة بخلاف الاتفاق على عدم ضمان الاستحقاق الناشئ عن فعل الغير، ففيه بعض الاختلاف، فبينما هو غير جائز أيضًا في القانون العماني والأردني والإماراتي ويفسد به البيع، فإذا باجتماع شرط عدم الضمان مع علم المشتري بسبب الاستحقاق يعفيان البائع، في القانونين المصري والفرنسي، من أي ضمان؛ أما مجرد علم المشتري دون اقترانه بشرط عدم الضمان فليس له أي أثر؛ إذ يبقى البائع مسئولًا عن رد قيمة المبيع، في القانون المصري، أو ثمنه، في القانون الفرنسي.
هذا العمل مرخص حسب الرخصة Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International License.