الملخص
عرفت الدول انتشار الظاهرة الإجرامية، وحاولت محاربتها بكل السبل والتدابير إلى أن توصَّلت في العقود الأخيرة إلى العقوبات السالبة للحرية بشكل أساسي؛ حيث أُقرَّت هذه الأخيرة ضمن قوانينها الجنائية كعقوبات أصلية لمعظم الجرائم. وسرعان ما تسبَّبت هذه العقوبات بأزمة على مستوى السياسة الجنائيَّة الحديثة؛ وهو ما أوجب حديثًا التحول إلى البحث عن بدائل للعقوبات السجنية التي من بينها الغرامة والعمل لصالح النفع العام (الخدمة المجتمعية) والسوار الإلكتروني والوساطة الجنائية والصلح وغيرها من البدائل.
تناقش هذه الدراسة أحد موضوعات هذه البدائل، وهو العمل لصالح النفع العام، وتستشـرف مستقبله بهدف معالجة ومقاربة إشكالية اكتظاظ المؤسسات السجنية والبطء في البت في القضايا الجنائية، وتجنب آثار العقوبات السالبة للحرية؛ وخصوصًا منها القصيرة المدة، وتسهيل إعادة إدماج الجناة داخل المجتمع.
بيَّنت الدراسة أنه تم تسجيل تضخم تشريعي في مجال العقوبات السجنية والحبسية بمختلف القوانين الجنائية، وهو ما أدَّى إلى عدة سلبيات؛ منها انعكاس التضخم على الطاقة الاستيعابية للسجون، وعرقلة مخططات إصلاح السجون، وزيادة نفقات الدولة على قطاع المؤسسات السجنية. وقد أوصت الدراسة فيما يخص الحلول الاستشرافية التي ستمكن من جعل العمل لصالح النفع العام بديلًا للعقوبات السجنية والحبسية بتشكيل لجان تشريعية علمية متخصصة بإحداث منظومة جديدة لبدائل العقوبات السالبة للحرية، ومن بينها العمل لصالح النفع العام، وسن هذه المدونة ضمن القوانين الجنائية، أو وفق قانون مستقل للعمل بها من طرف المحاكم طبقًا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
هذا العمل مرخص حسب الرخصة Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International License.