الملخص
أدَّى التطور الاقتصادي في العصر الحديث إلى ظهور جرائم مختلفة عن الجرائم التقليدية تؤثر في الاقتصاد الوطني، وتتطور بتطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية للفرد والمجتمعات، دفعت المشرعين إلى سن قواعد قانونية تنظم هذه الأمور. وقد شهدت المنظومة القانونية المغربية المتعلقة بالتجارة والأعمال تحولًا جذريًّا خلال العقد الماضي، تمثل في تعديل مجموعة من النصوص القانونية التجارية، وسن نصوص جديدة؛ حيث إن القانون الجنائي الكلاسيكي لا يستوعب هذا الكم من التحولات، خاصة في ميدان الأعمال.
تناقش هذه الدراسة مدى توفق المشرِّع المغربي في ضبط جرائم الأعمال على مستوى المفهوم والخصوصية، وعلى مستوى التجريم والعقاب، وفاعلية النصوص القانونية المتضمنة في القانون الجنائي للأعمال في تأطير ومكافحة جرائم الأعمال، وتهدف إلى مقاربة هذا الموضوع واقتراح الحلول الممكنة لمعالجة هذا الموضوع، وتتناول جرائم الأعمال بين الشرعية الجنائية والخصوصية، وإجراءات البحث والإثبات في جرائم الأعمال.
وقد خلصت الدراسة إلى أن الخصائص التقنية لمجال الأعمال أثرت بشكل سلبي على صياغة القواعد والنصوص الجنائية للأعمال، وبخاصة فيما يتعلق باستعمال مصطلحات فضفاضة تحمل كثيرًا من المعاني القانونية. ووجود ازدواجية في النصوص المنظمة لمجال الأعمال، وكذلك ازدواجية في الجهات التي تقوم بالتشريع، وارتباك المشرع المغربي في صياغة النصوص القانونية المتعلقة بمجال الأعمال من خلال مزاوجته بين المدرستين اللاتينية والأنجلوسكسونية.
وتوصي الدراسة بضرورة استقلالية القانون الجنائي للأعمال؛ وذلك بإحداث نصوص خاصة ضمن تقنين مستقل عن تقنين القانون الجنائي، وضرورة الحد من اللجوء العشوائي للتفويض، وضرورة التخفيف من كثافة التجريم في مجال الأعمال، وذلك بتبني سياسة واضحة ومدروسة لحصر التجريم، والحد من العقاب، وتوسيع مجال العقوبات الإدارية، مع إحاطتها بكل الضمانات المقررة للعقوبات الجنائية.
هذا العمل مرخص حسب الرخصة Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International License.