الملخص
تنشأ مخاطر التطور العلمي والتقني عن عيوب لم تسمح حالة المعرفة العلمية والتقنية للمنتج باكتشافها لحظة عرض المنتوج للتداول، تناقش هذه الورقة المسؤولية عن هذه المخاطر، من خلال تبسيط المضمون الفقهي والتشريعي، وكذا القضائي لهذه المخاطر، وتتلمس السبل والأسانيد التي يمكنها مساعدة القضاء في تحقيق غاياته النبيلة المتمثلة في العدالة وإنصاف المتضررين من هذه المخاطر وإسعافهم.
ولقد تبيَّن أن مسألة المسؤولية عن مخاطر التطور العلمي والتقني أثارت جدلًا فقهيًّا كبيرًا، كان له تأثير على العديد من التشريعات المقارنة، فبعضها استثنى جميع المنتوجات من نطاق المسؤولية عن هذه المخاطر، فيما نجد البعض الآخر استثنى بعض أنواع محددة كالأدوية والمنتوجات الغذائية. فيما جعل قانون الالتزامات والعقود المغربي من مخاطر التطور العلمي والتقني سببًا للإعفاء من المسؤولية المدنية، وهو ما يعني أن المتضررين من هذه المخاطر مهما كانت الأضرار التي لحقت بهم جسيمة أم بسيطة، لا يستحقون أي تعويض عنها. وإذا كان هذا الموقف القانوني له ما يبرره من الناحية الواقعية والاقتصادية، فإن قواعد العدالة والإنصاف تأبى أن يبقى هؤلاء المتضررون دون تعويض؛ وعليه توصي الدراسة بتأدية القضاء دورًا مهمًا في سبيل تحقيق العدالة، وإنصاف هؤلاء أو على الأقل إسعافهم في الحالات التي يتعرضون فيها لأضرار جسيمة ناجمة عن مخاطر التطور العلمي والتقني؛ مع التوصل إلى أن هناك سوابق صادرة عن القضاء المغربي تشكل نقطة انطلاق نحو التأسيس لدور قضائي فعَّال في تعويض مخاطر التطور العلمي والتقني، وتوصي بضرورة خلق صندوق وطني في إطار التضامن الوطني، وفي إطار مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، تكون الغاية منه منح التعويض عن هذه المخاطر.

هذا العمل مرخص حسب الرخصة Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International License.